کد مطلب:168065 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:243

الحائر و الحیر
قال یاقوت الحموی: (الحایر: بعد الالف یاء مكسورة وراء، وهوفی الاصل حوض یصبّ إلیه مسیل الماء من الامطار، سُمّی بذلك لانّ الماء یتحیر فیه یرجع من أقصاه إلی أدناه.. وأكثر الناس یُسمّون الحائر: الحَیْر، والحائر: قبر الحسین بن علیّ رضی اللّه عنه... قال أبوالقاسم: هو الحائر إلاّ أنّه لاجمع له لانّه إسم لموضع قبر الحسین بن علیّ رضی اللّه عنه، فأمّا الحِیران فجمع حائر، وهو مستنقع ماءٍ یتحیر فیه فیجیء ویذهب.. یقولون الحَیْربلاإضافة إذا عنوا كربلاء..). [1] .

وقال ابن منظور: (.. وحار الماء فهو حائر، وتحیّر: تردّد، وتحیّرالماء: اجتمع و دار، والحائر: مجتمع الماء... والحائر: كربلاء، سُمّیت بأحد هذه الاشیاء..). [2] .

وقد حار الماء عن قبر الامام الحسین (ع) لمّا أجراه (الدیزج) الذی بعثه المتوكل لیطمس آثار معالم القبر المقدّس ‍ ویعفی أثره سنة236 ه‍. [3] .

وقال الدكتور مصطفی جواد: (وقد ذكرنا أن الحائر إسم عربیّ وأنّ العرب سكنوا هذه البلاد منذ عصور الجاهلیة، فلابدّ من أن یكون معروفاً قبل استشهاد الحسین (ع)، لانّ هذه التسمیة هی والحَیْروالحیرة من أصل واحد..). [4] .


لكنّ الدكتور عبدالجواد الكلیدار زعم أنه: (لم یرد فی التأریخ أو الحدیث ذكر لكربلاء بإسم الحائر أو الحَیْرقبل وقعة الطفّ أو أثناء هذه الوقعة أو بعدها بزمن یسیر، إذ إنّ الاحادیث النبویة المنبئة بقتل الحسین (ع) بأرض العراق تضمّنت كُلَّ الاسماء عدا إسم الحائر..). [5] .

غیر أنّ الطبری فی تأریخه عن القاسم بن یحیی قال: (بعث الرشید إلی إبن أبی داود والذین یخدمون قبر الحسین بن علیّ فی الحَیْر، قال فأتی بهم، فنظر إلیه الحسن بن راشد وقال: مالك!؟ قال: بعث إلیَّ هذا الرجل یعنی الرشید فأحضرنی ولست آمنُه علی نفسی.قال له: فإذا دخلتَ علیه فساءلك فقل له الحسن بن راشد وضعنی فی ذلك الموضع. فلمّا دخل علیه قال هذا القول، قال: ما أخلق أن یكون هذا من تخلیط الحسن، أحضِروه!، قال فلمّا حضرقال ما حملك علی أن صیّرتَ هذا الرجل فی الحَیْر!؟ قال: رحم اللّه من صیّره فی الحَیر! أمرتنی أمّ موسی أن أصیّره فیه وأن أُجری علیه فی كلّ شهر ثلاثین درهماً.فقال: ردّوه إلی الحَیْر، وأجروا علیه ما أجرته أمّ موسی. وأمّ موسی هی أمّ المهدی..). [6] .


ولعلّ أوائل ما ورد إسم (الحائر) فی النصوص الدینیة، ماجاء فی بعض الروایات عن الامام الصادق (ع) التی علّم بعض الاصحاب فیها بعض طرق زیارة سیّد الشهداء(ع)، كما فی روایة یوسف بن الكناسیّ عن أبی عبداللّه (ع): (قال: إذا أتیت قبر الحسین فائتِ الفرات واغتسل بحیال قبره وتوجّه إلیه، وعلیك السكینة والوقارحتی تدخل الحائر من جانبه الشرقیَّ، و قل حین تدخله...). [7] .

وكما فی روایة عن الحسن بن عطیّة، عن أبی عبداللّه (ع):(قال: إذا دخلت الحائر فقل...)، [8] وغیرها أیضاً مما روی عن الصادق (ع). [9] .

وكان المراد بالحائر فی تلك الایام ما حواه سور المشهد الحسینی علی مشرّفه السلام، [10] وهذا القول تؤیّده اللغة والقرائن والروایات معاً، لانّ الحائر لغة هوفناء الدار أو ما یحیط بها من كل جانب) وقالوا: لهذه الدار حائر واسع..). [11] .

ثم توسّع الاستعمال حتّی صار المراد بالحائر كربلاء نفسها.

ویمكن أن یُقال إنَّ كربلاء كانت من مساكن العرب منذ الجاهلیة،وكانت تُسمّی (الحَیْر) بلا إضافة كما ذكر یاقوت الحموی لكنّ هذا الاسم ضعف


استعماله وندر إطلاقه بعد ما غلب إسم (الحائر) علی كربلاء مكانه، خصوصاً بعد ما اُحیط به إسم (الحائر) من حرمة وتقدیس وأنیط به من أعمال وأحكام فی الروایة والفقه. [12] .


[1] معجم البلدان: 2:208.

[2] لسان العرب: 4:223.

[3] راجع: تأريخ كربلاء، د.عبدالجواد الكليدار: 60، الطبعة الثانية، وعنه تأريخ مرقد الحسين والعبّاس (ع): 27.

[4] موسوعة العتبات المقدّسة: 8:23.

[5] تأريخ كربلاء، عبدالجواد الكليدار: 65.

[6] تاريخ الطبري:6:536 -537، و(نجد أنّ الرشيد وإنّ كان قد تغاضي عنهم وأقرَّ بالظاهر ما كانت قد أقرّته أمّ المهديّ من قبل، ولكنه كان قد عزم في تلك اللحظة علي أمر أهول وأخطر من ذلك، كما أثبتته الحوادث فيما بعد، فدعاه فرط بغضه لال الرسول إلي هدم كربلاء من الاساس، فأمر توّاً في نفس السنة 193 وهي السنة الاخيرة من حياته بهدم الحائر والقبّة المطهّرة، والدورا لمجاورة، واقتلاع السدرة، وحرث الارض ليمحي بذلك كلّ أثر للقبر الشريف كما روي ذلك غير واحد من الرواة والمؤرّخين، ورواه الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن الطوسي في (أماليه) بسنده عن يحيي بن المغيرة الرازي: كنت عند جرير بن عبدالحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق، فسأله جرير عن خبر الناس، فقال: تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين (ع) وأمر أن تُقطع السدرة فقطعت. فرفع جرير يده وقال: أللّه أكبر! جاءنا في حديث عن رسول اللّه (ص) انه قال: (لعن اللّه قاطع السدرة، ثلاثاً) فلم نقف علي معناه حتي الان، لانّ القصد بقطعها تغيير مصرع الحسين حتي لايقف الناس علي قبره!). (راجع: تأريخ كربلاء:34).

[7] كامل الزيارات: 221، حديث رقم 3.

[8] كامل الزيارات: 213، باب 79، رقم 1.

[9] نفس المصدر: 217، باب 79، رقم 2.

[10] راجع: مجمع البحرين: 5:280.

[11] لسان العرب: 4:223.

[12] وللتوسع في مزيد من المعرفة حول هذا الاسم (الحائر) يمكن للقاريء الكريم أن يقرأ تفصيلات أكثر ومناقشات أوسع في كتاب تأريخ كربلاء للدكتور عبدالجواد الكليدار.